بدأت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 بإطلاق النار على(بوسطة) عين الرمانة،لتبدأ الفتنة ،والحرب الطائفية وماتبعهاا من تهجير وقتل وتقسيم للمؤسسات والأجهزة الأمنية ودخول الجيش السوري لحماية السيحيين خصوصا ووحدة لبنان عموما،وبعده الإجتياح الإسرائيلي عام 1978،والإجتياح الإسرائيلي عام 1982 الذي احتل بيروت وأخرج المقاومة الفلسطينية من لبنان.
وفي 14 شباط عام 2005،أغتيل الرئيس رفيق الحريري ،بأيد مجهولة وضبابية الإنتماء أو الهوية،لكن الجريمة ألبست إلى سوريا وحلفائها وما سمي بالجهاز الأمني اللبناني-السوري،وكان من تداعيات الإغتيال إنسحاب الجيش السوري ،وتهشيم المؤسسات وإشعال الفتنة،والتوطئة للحرب الإسرائيلية في تموز عام 2006،والسيطرة الأميركية الشاملة على لبنان ، وعادت إلى الواجهة قوى سياسية ، كانت قد إنكفأت إلى الخلف،عندما تقدمت شعارات وسلوكيات الوحدة الوطنية،ومنع التقسيم،وقوى المقاومة، خاصة تلك التي كانت حليفة للمشروع الإسرائيلي ميدانيا وسياسيا،ولا زالت مهمتها تأمين الغطاء الإعلامي والسياسي والمبررات للعدوان،ولا ترى في العدوان والخروقات الإسرائيلي تهديدا للبنان،بل ترى في المقاومة سببا للحرب...؟!.
إن مسيرة الرئيس الحريري، طبعت بمميزات منهجية ونتائج مفصلية على المستوى اللبناني العام اهمها:
- كان عراب اتفاق الطائف الذي انهى الحرب الأهلية وارسى الإستقرار والسلم الأهلي
- قاد الحكومة اللبنانية وفق معادلة الحضور العربي المتوازن بين سوريا والسعودية مع حفظ صداقاته الدولية،لكن دون شطب لمصالح لبنان العربية وبالعكس.
- حاول وفق منهجه الإقتصادي،رفع المستوى الإقتصادي للبنان،لجعله منافسا في المنطقة، وفق الرؤى الحديثة للإقتصاد،والقادرة بشكل أحادي منافسة ( الكيان الإسرائيلي)على أكثر من مستوى،نظرا لخصوصية وتميز الأداء اللبناني.
- كان من أنصار الوحدة الوطنية ، لكنه لم ينفتح على القوى التي تحالفت مع إسرائيل طوال فترة حكمه ، بل كان على قطيعة واضحة معها في الشكل والمضمون ( القوات،الكتائب...) حتى أن بعض الشخصيات التي تحمل قميص دمه اليوم، لم تطأ منزله طوال حياته.
- تفهم ضرورات واهداف المقاومة في لبنان ،واتخذ الموقف المتضامن ، وتجنب مشروع الصدام معها تحت أي ضغط دولي/ وهذا ما صرح به سماحة السيد حسن نصر الله
وبعد أن تحول الرئيس الحريري إلى قيمة سياسية وإقتصادية ودولية،ولأن الإدارة الأميركية وإسرائيل،لم تجد فيه أملا لحصار المقاومة،وأن بقائه في الحياة السياسية اللبنانية،سيعطي لبنان أوراقا من القوة تتمثل في الحضور العربي(السوري-السعودي) وبناء النظام الإقتصادي الحديث والمنافس،وفي بقاء المقاومة ضد إسرائيل مما يحبط المطامع الإسرائيلية ، خاصة وأن إسرائيل تعرضت لأول هزيمة بعد إندحارها من لبنان عام 2000،ولفتح الطريق أمام المشروع الأميركي-الإسرائيلي، بعد إحتلال العراق،والحاجة الأميركية لحصار سوريا ميدانيا بين مثلث معاد أميركيا وإسرائيليا (في العراق ولبنان وفلسطين المحتلة) لخنق سوريا،ولحماية إسرائيل وإراحتها ،للتفرغ لمساعدة الأميركي للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط، لتقسيمه من جديد،على أسس طائفية ومذهبية وقومية.
كان لا بد من إختيار الهدف المناسب،والمميز بشظاياه القادرة على إصابة أهداف عدة في لحظة واحدة،وتتميز قضية إغتياله بصفة الإستمرارية ،وإستغلالها بشكل كبير،للإقتصاص ومعاقبة من أفلت في اللحظة الأولى... فكان إغتيال الرئيس الحريري،إغتيالا للوحدة الوطنية،وإغتيالا للتواصل مع المحيط العربي،و للسلم الأهلي و للمؤسسات الدستورية... ومحاولة لإغتيال مشروع المقاومة...والأهم من ذلك كان محاولة لإطلاق مشروع التقسيميين ودعاة الفتنة،والفيدرالية... وأصحاب شعار أن إسرائيل جار وليست عدوا،وأن سوريا هي العدو...وأن سلاح المقاومة هو الهدف لكي ينتزع وبالتالي نزع مخالب القوة من لبنان.
فلتكن 14 شباط مناسبة وطنية وفاء للحريري،الذي أغتيل مرتين مرة عندما سقط شهيدا في التفجير المجرم...ومرة عندما حاول البعض المتاجرة بدمه،فحملوا قميصه لخدمة قوى الإحتلال الإسرائيلي والأميركي،كما فعلوها من قبل في الحرب الأهلية.
الوفاء للحريري يكون بإلغاء الطائفية،وبدعم المشروع الوطني،و المقاومة ،ونبذ قوى وأحزاب الفتنة.
فالحريري ،لا يمكن أن يكون يوما خنجرا في صدر الوطن ومقاوميه بل شمعة تضيء مع شهداء شباط المقاومين ،مع الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي وعماد مغنية في ليل لبنان الذي ينبىء بفجر جديد.